ملك اليمين فى فراش السلطان

آحمد صبحي منصور Ýí 2016-08-16


مقدمة

قام الفقه بتشريع السبى ، واصبح الجوارى والرقيق ظاهرة طاغية فى عصر التدوين ـ العصر العباسى ـ سواء كان تدوينا فى التشريع أو الأدب أو التاريخ . وبينما توارت ـ تحت الحجاب  ثم النقاب ــ الحرائر من النساء فقد إلتفت التدوين الفقهى والأدبى والتاريخى للجوارى . ومن الطريف أن التأريخ للعصر العباسى أهمل ذكر أميرات الدولة العباسية الحرائر ، من بنات الخليفة وأخواته وعماته ، بل ومعظم أفراد البيت العباسى من الذكور بينما أفسح صفحاته لحظايا الخليفة من الجوارى اللائى فتحن سيقانهن له فى سرير العشق فانفتح الطريق لهن للتحكم فى سرير العرش . نبدا بهنّ فى فراش السلطان  ، ثم بعده فى أريكة الحكم والسلطان . وطبقا لمنهجنا فهى لمحة كاشفة ، تفتح الطريق لدراسات تالية أكثر تعمقا .

المزيد مثل هذا المقال :

 1 ـ تبدأ الدولة بملوك أشداء يوطدون سلطانهم ولا وقت لديهم للحب وإنما للقتل والعزل وسفك الدماء ، ثم تتوطد أركان الدولة ويأتي ملوك يجدون الوقت للحب واللعب وسماع الغناء واللهو والمجونينطبق ذلك على كل الدول التي قامت في التاريخ بغض النظر عن اللافتة التي ترفعها سواء كانت الإمبراطورية الفارسية أو البيزنطية أو الخلافة الأموية  والخلافة العباسية والفاطمية والعثمانية !! الجميع كانوا يهدفون للحكم والسيطرة ويتصارعون على حطام الدنيا  وشهواتها من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة  والخيل المسومة والأنعام والحرث . وإن كان مؤسس الدولة لم يجد الوقت للتمتع بشهوات الدنيا فإنه كان يدخر ذلك لأحفاده الذين اتسع وقتهم للنساء والمجون.

2 ـ بعد تأسيس الدولة الأموية على يد معاوية ثم مروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان جاء الخلفاء الماجنون من بني عبد الملك ، وقد اشتهروا بالفسق والعصيان ،  وكان منهم يزيد بن الوليد والوليد بن يزيد.كان الوليد بن يزيد "فاسقاً شريباً للخمر  منتهكاً حرمات الله  أراد الحج ليشرب الخمر فوق ظهر الكعبة،" ولما قتلوه وجئ برأسه لأخيه  سليمان قال : أشهد أنه كان شروباً للخمر ماجناً فاسقاً  ولقد راودني على نفسي. !! . واتهموه بالاتصال الجنسي بأمهات أولاد أبيه ، أي أنه نكح ما نكح أبوه  وهن من المحرمات عليه.

3 ـ  وأسس الخلافة العباسية  الخليفة ( السفاح ) ثم توطدت في خلافة المنصور بعد مقتل مئات الألوف . واستقرت أمورها في عصر المهدي  الذي قتل آلاف المعارضين بتهمة الزندقة والردة.وجاء ابنه الخليفة الهادي  فاتسع وقته للتمتع بالنساء. وفي ذلك الوقت راجت تجارة الجواري وتعليمهن الغناء والطرب بالعود وتثقيفهن بالشعر  والأدب واللباقة في الحديث  والمسامرة ، وتخصص بعضهم مثل إسحاق وأبيه ابراهيم الموصلي  في شراء الجواري الحسان  الساذجات بالرخيص من المال  ثم تعليمهن وتثقيفهن ثم بيعهن لقصر الخلافة  بأضعاف أضعاف ثمنهن . وكان الخليفة يختبر البضاعة جسدا وعقلاً، ثم إذا أعجبه جمالها  وراقه حديثها اشتراها ولا يبالي بالثمن.

 4 ـ  وحدث أن المهدي عرضوا عليه الخيزران وكانت رائعة الجمال ، وبعد أن فحص جسدها فلم يعجب بساقيها ، فقال لها: يا جارية إنكِ لعلى غاية المُنى والجمال لولا دقة ساقيك وحموشتهما – أي خشونة جلدهما – فقالت له : يا أمير المؤمنين إنك حين تكون أحوج إليهما  لا تراهما.. !! فأعجبه جوابها ، واشتراها وحظيت عنده ، وولدت له الهادي والرشيد ، وكلاهما تولى الخلافة.

وحين تولى الهادي الخلافة استولت على قلبه إحدى جواريه واسمها غادر ، وقد خطر للخليفة الهادى  أنه سيموت ويتركها ويأخذها من بعده أخوه  هارون (الرشيد ) حين يتولى الخلافة ، وقوى هذا الخاطر في نفسه إلى درجة أنه استحلف أخاه هارون بالأيمان المغلظة من الطلاق والعتاق  والحج ماشياً حافياً ألا يأخذها بعده ، ثم استحلف الجارية نفس الأيمان المغلظة، وبعد موت الهادي طلبها الرشيد لنفسه فقالت له : كيف وقد حلفنا تلك الأيمان المغلظة ؟ فقال لها الرشيد: أنا أُكفّر عن تلك الأيمان ، وصارت له.

5 ـ هارون الرشيد اشهر الخلفاء فى الغرام بالنساء . كان للرشيد أربعة آلاف جارية من أجمل النساء ، ذكر الطبرى وابن عساكر أنه  ( كان في دار الرشيد من الجواري والحظايا وخدمهن وخدم زوجته وأخواته أربعة آلاف جارية، وأنهن حضرن يوماً بين يديه فغنته المطربات منهن فطرب جداً، وأمر بمال فنثر عليهن‏.  وكان مبلغ ما حصل لكل واحدة منهن ثلاثة آلاف درهم في ذلك اليوم ) وتقول الرواية : ( وأما الحظايا من الجوارى فكثير جداً . حتى قال بعضهم‏:‏ إنه كان في داره أربعة آلاف جارية سراري حسان‏.).  

6 ـ ومع ذلك كانت تصبو نفس الرشيد لما ليس في يده . تقول رواية فى تاريخ ( المنتظم ) : ( دخل هارون الرشيد على عمه (سليمان بن أبي جعفر المنصور) ( ت 199 )  وكان عليلًا فرأى عنده جارية تسمى ضعيفة في غاية الحسن والجمال والشكل فوقعت بقلبه فقال هارون‏:‏ هبها لي فقال‏:‏ هي لك يا أمير المؤمنين ‏. فلما أخذها مرض سليمان من شدة حبه لها فقال‏:

 أشكو إلى ذي العرش ما لاقيت من أمر الخليفة

يسع البرية عدله        ويريد ظلمي في ضعيفة "

 فبلغ ذلك هارون الرشيد فردّها عليه ‏.) طبعا بعد أن قضى أربه منها وملّ منها .

ودخل  الرشيد دار خالد البرمكي فرأى فيه جارية أعجبته وقد استوقفته الجارية وقالت له : أما لنا فيك من نصيب ؟ فقال لها : وكيف ؟ استوهبني من هذا الشيخ ، فأعطاها له  خالد البرمكي ، وكانت اسمها هيلانة.

7 ـ  ثم كان يحلو للرشيد الزنا مستخدما التشريع أو التسويغ الذى يفتريه له قاضى القضاة أبو يوسف .    وقد هوى الرشيد جارية لأبيه ( المهدى )  فامتنعت عليه وقالت له : (إن أباك قد طاف بى ) أى نام معها ، وبالتالى تحرم على أولاده ومنهم الرشيد . كانت جارية تخاف الله جل وعلا ، ولكن الرشيد لم يكن كذلك ، إذ اشتدت رغبة الرشيد فيها وبحث عن حيلة شرعية ، يتجاوز فيها قول الله جل وعلا (وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً (22) النساء  ) . ولا ريب أن هذه الاية الكريمة يعرفها شيخ الفقه الحنفى وقاضى القضاة وقتها الفقيه أبو يوسف، ولكن أبا يوسف أفتى للخليفة الفاسق باستحلالها مستعملا أسلوب التحايل الفقهى الذى إشتهر به الفقه الحنفى . ، قال ابو يوسف للخليفة هارون الرشيد : " كيف نأخذ بشهادة جارية ؟ !، " . يعنى يجعل شهادة الجارية غير معتمدة ، ولم يأخذ بصدق شهادتها  فيما تحكيه عن نفسها أن والد الرشيد ـ قد نالها من قبل.!. أى كان أبو يوسف يعمل مُشرّعا بالزنا طبقا لما يهوى الرشيد .

ويحكي أبو يوسف نفسه أنه جئ به من بيته ليلاً إلى الخليفة الرشيد فوجد عنده عيسى بن جعفر، فقال الرشيد لأبي يوسف يستفتيه أنه طلب جارية مغنية من عيسى بن جعفر وأنه رفض أن يعطيها له ، وأنه إن لم يفعل سيقتله،  وقال عيسى أنه كان قد أقسم بالطلاق و العتاق  أنه لن يبيع هذه الجارية ولن يهبها لأحد  وأنه لا يعرف كيف يخرج من هذا القسم ، فأفتى له أبو يوسف أن يبيع للرشيد نصفها وأن يهبه النصف الآخر ، ففعل وصارت الجارية ملكاً للرشيد بالبيع وبالهبة . وأحضروها له في المجلس فلما رآها الرشيد أثاره جمالها ، وأرادها سريعا فى الفراش ، فقال الرشيد لأبي يوسف: هل من سبيل إليها الليلة ؟ . يعنى أن ينام معها فى هذه الليلة بلا إنتظار العدة ( ثلاثة أشهر ) فقال أبو يوسف إنها مملوكة ولابد من استبرائها فلابد أن تعتقها وتتزوجها فإن الحرة لا تستبرأ . فأعتقها الرشيد ، وتزوجها ، ودخل بها فى ليلته . وأعطى أبا يوسف مائتي ألف درهم  وعشرين ثمناً عن الثياب ، وأرسلت له الجارية عشرة آلاف درهم!!. وقد أخطأ أبو يوسف في إفتائه للرشيد بأن ينال الجارية بعد زواجها بلا استبراء ، لأن العدة بالنسبة للمرأة لا تختلف إن كانت المرأة جارية أو حرة ، ففى كل الأحوال لا بد من مراعاة العدة حتى تتيقن من خلوها من الحمل ، ولكن كان العباسيون يملكون فقهاء الشرع  يحكمون لهم بالهوى وبغير ما أنزل الله تعالى.وقبل أن نترك هذه القصص  نشير أنه لولا الجوارى ما عرفنا إسم ( عيسى بن جعفر المنصور ) و (عيسى بن جعفر المنصور ) وهما أعمام الرشيد .!.

8 ـ  وقد جاء الخلفاء العباسيون اللاحقون من ذرية هارون الرشيد، وكان أغلبهم على شيمة الرشيد  في الغرام بملك اليمين من الجوارى سوى ابنه الأمين الذي هوى الصبيان المماليك  !! .

حفيد الرشيد وهو الخليفة الواثق  كان  مسرفا ومدمنا على الجماع. ويروى ابن الجوزى سبب موته المبكر فى شبابه ، يقول إنه إستدعى  ميخائيل الطبيب  ( فدعا به ، فدخل عليه وهو نائم في مشرفة له وعليه قطيفة خز ( حرير ) ، فوقف بين يديه فقال‏:‏ : " يا ميخائيل أبغني دواء للباه " ( القدرة الجنسية ) فقال‏:‏ " يا أمير المؤمنين بدنك ، فلا تهده بالجماع ، فإن كثرة الجماع تهد البدن ، ولا سيما إذا تكلّف الرجل ذلك ، فاتق الله في بدنك وأبق عليه ،  فليس لك من بدنك عوض . ! "  فقال له‏:‏  " لا بد منه " . ثم رفع القطيفة عنه ، فإذا بين فخذيه وصيفة ( جارية ) قد ضمها إليه ، ذكر من جمالها وهيئتها أمرًا عجيبًا.  فقال‏:‏ " من يصبر عن مثل هذه ؟ " قال‏:‏ " فإن كان ولا بد فعليك بلحم السبع . " )  . وذكر له وصفة مركبة من لحم السبع .   ‏. وأسرف الواثق فى إستعمال هذه الوصفة فمات فى ذي الحجة سنة ا232   وكان عمره اثنتين وثلاثين سنة.!! .   

9 ـ وتولى بعد الواثق أخوه الخليفة المتوكل ، وكان له ـ مثل جده الرشيد ـ أربعة آلاف جارية حسناء ، ويقال أنه  استمتع بهن جميعاً ..!!وهذا ما قاله المسعودى فى تاريخه ( مروج الذهب).

10 ـ  أما الخليفة المعتضد ت 289 هـ فقد مات أيضا بسبب إفراطه في الجماع !! ومع كثرة نسائه وجواريه فقد كان يهوى جاريته دريرة ،  وقد أنشا لها بستاناً سماه البحيرة  وأنفق عليه ستين ألف دينار ، وكان يخلو فيه بمحبوبته دريرة وباقي جواريه للغناء واللهو ، فقال فيه الشاعر ابن بسام : ـ

   تـــــرك الناس في حيــرة        وتخلى في البحــــيرة

   قاعــــداً يضرب بالطـبل        علـــــى (....)  دريـــــــرة

وما بين النقط  نستحى من ذكره!!!

11 ـ والخليفة  المستعصم أخر خليفة عباسى فى بغداد ، إستحضره هولاكو . والمؤرخ الهمذاني يروى ذلك اللقاء بين هولاكو والخليفة المستعصم فى قصر الخلافة فيقول :"إن هولاكو أمر باحصاء نساء الخليفة فبلغن سبعمائة زوجة وسرية و ألف خادمة.. وتضرع له الخليفة قائلا : مُنّ علىّ بأهل حرمي اللائي لم تطلع عليهن الشمس و القمر .."أى تضرع له أن يترك له نساءه اللواتى حبسهن فى قصوره بحيث لم تكن تراهن الشمس ولا يراهن القمر. وبالطبع فقد فرقهن هولاكو على جنده وقادته، بعد ان أمر جنوده بقتل الخليفة المستعصم رفسا بالأقدام .!! لأنه عندهم أحقر من أن يقتلوه بالسيف كما يقتلون الرجال..!!

12 ـ وهذه الأخبار وغيرها أوردتها كتب التاريخ المتخصصة ، وأما ما ورد في الأغاني والعقد الفريد  وكتب الشعر عن جوارى الخلفاء  فإننا نعفُّ عن ذكره..

13 ــ ومن ملك اليمين فى سرير العشق نتّجه اليهن فى سرير المُلك .. 

اجمالي القراءات 10469

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   سعيد علي     في   الثلاثاء ١٦ - أغسطس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[82864]

قمة الانحطاط و هل بعد هذا الانحطاط من انحطاط !


تزخر كتب التاريخ في مدارس الدول العربية بتبجيل و ( تقديس ) لهارون ( الرشيد ) و أمراء بنو أمية و العباس مشفوعة أسمائهم برضي الله عنه !! الانحطاط الأكبر هو تدريس تاريخ هؤلاء و اتخاذهم أسوة حسنة ! يقص خطباء الجمع بشئ من العزة تاريخ هؤلاء و يقول : أين نحن من تاريخ هؤلاء الأبطال !! ثم يخرج المصلون وهم يحملون في آذانهم تلك الصورة الكاذبة لتصبح دينا !! و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم .



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4983
اجمالي القراءات : 53,420,311
تعليقات له : 5,326
تعليقات عليه : 14,626
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي