دواعش الأزهر والبلبلة : الشيوخ المتبلبلون بين الريب والشّك ( 3 / 5 )

آحمد صبحي منصور Ýí 2014-09-02


1 ـ :المشركون لا يوقنون : المؤمنون المتقون ( يوقنون ) بينما تكون البلبلة أساس إيمان الكافرين المشركين ، فهى تعنى الشّك والريب وعدم اليقين  . وبينما يتأسس إيمان المتقين على يقين ، وبينما يوصفون بأنهم ( يوقنون ) فإن المشركين موصوفون بأنهم  الذين ( لا يوقنون  ).

المزيد مثل هذا المقال :

ويتجلى هذا فى الايمان بالقرآن الكريم واليوم الآخر.  وبينما يوقن المؤمنون المتقون بأن القرآن لا ريب فيه فإن المشركين يرتابون فى القرآن ويتخذون حديثا آخر ، وهكذا كانوا يفعلون فى عصر النبوة . وعن إتهامات مشركى قريش للرسول عليه السلام وحديث الله جل وعلا فى القرآن الكريم يأتى الرد الالهى ، وفى نهايته يقول جل وعلا : ( أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ (36) الطور). وعن كفر المشركين بالقرآن يقول جل وعلا للرسول عليه السلام : ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (60) الروم ) . وبينما يؤمن المتقون باليوم الآخر كما جاء فى القرآن فإن المشركين ( المتبلبلين ) هم فى ريب من اليوم الاخر ، وليسوا ( مستيقنين ) بشأنه . وسيعترفون يوم القيامة بأنهم لم يكونوا مستيقنين باليوم الآخر : ( وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32) الجاثية )

2 ـ العمل الصالح والجهاد فى سبيل الله جل وعلا إبتغاء الجنة ورضاه جل وعلا هو المحكّ الحقيقى للإيمان اليقينى الذى لا يلحقه شكّ أو ريب . إذ لا وجود للريب والشك لدى المؤمنين حق الايمان ، يقول جل وعلا : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ (15) الحجرات ) هم لا يرتابون ، لذلك فهم فى سلوكهم يجاهدون بأموالهم وانفسهم فى سبيل الله جل وعلا ، ولذا هم موصوفون بالصدق ، أى تصدق أعمالهم ويصدق إيمانهم . فالسلوك الصالح بالجهاد فى سبيل الله جل وعلا هو الذى يعبّر عن صُدقية الايمان الخالى من الريب والشك .

أما المنافق الذى يتظاهر بالايمان السطحى الشكلى فإن الريب والتردد والشك ينعكس على سلوكه ومواقفه ، وكان هذا حال المنافقين فى عصر النبوة ، وفى عصرنا . يقول جل وعلا عنهم ريبهم وترددهم عند الدعوة للجهاد:( إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (45) التوبة ). وعندما تآمروا على بناء مسجد الضرار واتخذوه وكرا للتآمر ، كان هذا البناء معبرا عما فى قلوبهم من ريب . يقول جل وعلا : ( لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمْ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110 التوبة ). ونلاحظ هنا أن الله جل وعلا  ( العليم الحكيم ) يستخدم ( الفعل المضارع ) بأنه لا يزال بنيانهم ريبة فى قلوبهم ،وستظل هذه الريبة مركزة فى قلوبهم ، وهى إشارة الى استمرارية مساجد الضرار بعد الآية الكريمة . وهى ظاهرة أساس نراها حتى الآن حيث أصبحت مساجد الضرار مراكز لنشر الباطل ، بل وتحولت الى أوكار للتآمر ، ثم انتهى ببعضها الحال لتصبح مقرات حربية وأهدافا عسكرية كما يحدث فى العراق وسوريا .

3 ـ والبلبلة ( الشك والريب ) ملمح أساس فى تاريخ المشركين قبل نزول القرآن الكريم . وبهذا جاء وصف المشركين قبل الرسالة الخاتمة ، فى تقرير قرآنى  كلهم قالوا لرسلهم إنهم فى شك مريب من دعوة الرسل للحق ، يقول جل وعلا عن ريب الكافرين قبل الرسالة الخاتمة : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) ابراهيم ).

وقال قوم ثمود للنبى صالح عليه السلام :( قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62) هود ) أى كانوا فى شكّ مريب من الحق الذى يدعو اليه ، ورد عليهم بأنه ـ على العكس منهم ـ ( على بينة من ربه ) :( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنصُرُنِي مِنْ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (63) هود ) .

وعن ريب المصريين من دعوة يوسف عليه السلام قال مؤمن آل فرعون يعظ قومه : (وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) غافر) ، أى كانوا فى شك وارتياب من دعوته برغم مكانته فيهم وبرغم ما فعله لهم وقت السنوات السبع الشداد .

وتكررت الرسالات السماوية لبنى اسرائيل وتكرر معها الريب لدى الكافرين منهم ، يقول جل وعلا : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110)هود )( وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14) الشورى ).( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (45)فصلت )

وجاءت قريش تسير على سُنّة سلفها (الصالح).!! ، قالوا حسدا للنبى محمد عليه السلام : ( أَؤُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا ) وجاء الرد من رب العزة : ( بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8) ص ). وردا على ( ريبهم وشكّهم ) أمر الله جل وعلا رسوله الكريم أن يعلن رفضه لآلهتهم : ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (104) يونس ) وفى موجز رائع للحياة الدينية لكفار قريش يقول رب العزة:( بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9) الدخان ).

4 ـ السؤال الهام هنا : هل قدم الشيطان إستقالته بعد إكتمال القرآن الكريم نزولا ؟ وهل إنتهى تماما الريب والشك و ( البلبلة ) من (عقائد ) ( المسلمين ) ؟

لم يحدث بدليل وجود الصحابة المنافقين فى المدينة حول النبى محمد عليه السلام ، وهم الموصوفون بأنهم فى الدرك الأسفل من النار .وبالتالى فإن الشك والريب و ( البلبلة ) ستتضاعف بعد موت النبى عليه السلام وستتوغل وتنتشر وتصبح هى الأساس لدى المسلمين ، خصوصا مع تفرقهم الى ملل ونحل وطوائف ومذاهب ، وتحول الاختلاف والشقاق الى حروب أهلية لا تزال مشتعلة حتى الآن ، وفى كل هذه الحروب يوجد ( أئمة ) من الشيوخ و ( قادة ) و ( زعماء ) و ( جنود ) من العوام . وظهرت داعش بجنودها وشيوخها القائمين هلى حفظ تراثها الدينى السّنى السلفى الحنبلى الوهابى . فإذا دعونا الى الاحتكام الى القرآن بشأن تراثهم أصابتهم البلبلة لأنهم أصلا لا يؤمنون بالقرآن .

هذا الوضع سيظل هذا ساريا الى نهاية العالم . ويوم القيامة سيأتى كل منا للحساب ، والخاسر يوم القيامة سيكون مصيره جهنم ، ومن حيثيات إستحقاقه لجهنم أنه فى الدنيا كان كفارا عنيدا مناعا للخير معتديا مريبا ( أى مصابا بالبلبلة ) يقول جل وعلا : ( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) ق )

يبقى السؤال الأخير لدواعش الأزهر :

هل هذه الدنيا ( بكل ما فيها من متاع ومناصب وثروات وجاه و.. حُطام ) تستحق الخلود فى النار .. يا دواعش الأزهر ؟

اجمالي القراءات 8098

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4981
اجمالي القراءات : 53,352,710
تعليقات له : 5,323
تعليقات عليه : 14,622
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي